تفسير رسالة يهوذا الأصحاح الأول
صفحة 1 من اصل 1
تفسير رسالة يهوذا الأصحاح الأول
الإصحاح الأول
آية 1:- يهوذا عبد يسوع المسيح واخو يعقوب الى المدعوين المقدسين في الله الاب والمحفوظين ليسوع المسيح.
عبد = لم يقل يهوذا أخو الرب أو قريبه بالجسد بل قال مفتخرا أنه عبد يسوع المسيح = فكثير من أقرباء المسيح لم يؤمنوا به بل قالوا عنه أنه مختل (مر21:3) + (يو5:7). فالقرابة الجسدية لا تنفع. بل أن اليهود أقرباؤه بالجسد صلبوه. أما كلمة عبد فهى تعنى أنه قد إكتشف حلاوة المسيح ورقة محبته، فبحريته الكاملة قال له إفعل بى ما شئت فأنا عبدك. فالتعبد لله لمن عرف الله له عذوبة وحلاوة، بل هو الحرية الحقيقية. فكون يهوذا عبدا للمسيح فهذا أفضل من كونه أخا جسديا له. لذلك قال بولس الرسول "وإن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد، لكن الآن لا نعرفه بعد" (2كو16:5) والمسيح نفسه قيل عنه أنه عبد الرب بمفهوم أنه بإرادته وحريته أخلى ذاته أخذا صورة عبد ليتمم الفداء (أش1:42) + (فى7:2) + (مز6:40).
وعبيد الله الأمناء يكون لهم غيرة على الإيمان المستقيم ولهم تنكشف رؤى الله (رؤ1:1).
أخو يعقوب = فيعقوب هو المشهور جدا.
إلى المدعوين = أى لا فضل لهم فى ذلك فالله أحبهم ودعاهم، ولكن الله فى دعوته لا يحابى، والإنسان قد يقبل الدعوة أو يرفضها، وفى قبول الدعوة يحسب الفضل لله لا من الإنسان.
المقدسين = الله سر قداستنا. فمن يقبل الله ودعوته ويؤمن ويعتمد، يحل عليه الروح القدس ليقدسه ويجعله إبنا لله. ومقدسين أى مفروزين لله الآب بفداء المسيح ومن تكرس وإنفرز لله عليه أن يحيا فى قداسة رافضا كل نجاسة. والروح القدس يعيننا على ذلك (رو26:.
المقدسين فى الله الآب = بولس يقول المقدسين فى المسيح. وعبارة " فى المسيح قد إعتدنا عليها فى رسائل بولس الرسول. وهنا نسمع أننا فى الآب وهذا ليس غريبا فالسيد المسيح يقول " ليكون الجميع واحدا، كما أنك أنت أيها الآب فى وأنا فيك، ليكونوا هم ايضا واحدا فينا " (يو21:17) وقارن مع (1كو2:1) + (فى1:1).
والمحفوظين ليسوع المسيح = (رؤ10:3) + (يو11:17) فالله يحفظنا لنفسه أبناء وورثة. والرسول يبدأ بأن يقول لهم بأنهم محفوظين حتى لا تخور قلوبهم إذ يسمعوا عن الحروب التى يشنها الهراطقة على الكنيسة والتى سيذكرها فيما بعد. والله مازال يحفظ كنيسته للآن وسيحفظها للأبد. وعمل روح الله القدوس فينا أن يبكتنا ويعيننا ليقدسنا ويحفظنا.
آية 2:- لتكثر لكم الرحمة و السلام و المحبة.
هذه البداية تختلف عن بدايات بولس الرسول، الذى كان يطلب النعمة والسلام. فهنا الرسول يطلب الرحمة مع المحبة والسلام، فلو لم تدرك رحمة الله الكنيسة لضاعت وسط كل هذه التيارات من الهرطقات ولذلك فالكنيسة الآن فى عصر الإرتداد عليها أن تطلب الرحمة.
وفى الأيام الأخيرة مع إبتعاد الناس عن الله سيفقدون روح المحبة والسلام (وهذا يحدث مع زيادة الخطية ومع زيادة الهرطقات (مت12:24) ومن يشمله الله برحمته ويحيا فى سلام ومحبة سيصمد أمام تجارب الأيام الأخيرة.
آية 3:- ايها الاحباء اذ كنت اصنع كل الجهد لاكتب اليكم عن الخلاص المشترك اضطررت ان اكتب اليكم واعظا ان تجتهدوا لاجل الايمان المسلم مرة للقديسين.
الرسول كان يود أن يجاهد، بل كان يجاهد لكى يكتب لهم عن الخلاص المشترك = أى الذى إشترك فيه الأمم مع اليهود، وصار الخلاص لكل العالم. ولكن الرسول وجد أن الهرطقات زادت مما شوه الإيمان المسلم مرة للقديسين ووجد الرسول أنه عليه أن يهتم بحفظ الإيمان من البدع أكثر من إهتمامه بالحديث عن الخلاص، وعن مبادىء الإيمان التى صارت معروفة للجميع.
ولكن قوله أصنع كل الجهد = فيه إشارة إلى أننا ليس بسهولة نستطيع أن نفهم.
v كل ما حصلنا عليه بواسطة هذا الخلاص.
v كل الأمجاد التى سنحصل عليها فى السماء بسبب هذا الخلاص.
v عمق المحبة الإلهية التى دبرت هذا الخلاص.
المسلم مرة = أى لن يتغير بعد ذلك ولا يجب أن يلحقه حذف أو إضافة أو تغيير من يوم سلمه السيد المسيح للرسل وحتى هذا اليوم.
تجتهدوا = تجاهدوا حتى الدم فى حفظ هذا الإيمان بلا تحريف.
كان لابد ليهوذا الرسول أن ينبه العالم لأن يستيقظوا فلقد زرع إبليس زوانا وسط الحنطة، وهؤلاء الغشاشين يفسدون أولاد الله.
آية 4:- لانه دخل خلسة اناس قد كتبوا منذ القديم لهذه الدينونة فجار يحولون نعمة الهنا الى الدعارة و ينكرون السيد الوحيد الله و ربنا يسوع المسيح.
مصير المعلمين الكذبة.
دخل خلسة = هم مختلسون يظهرون غير ما يبطنون، ويحرفون الكتب كتبوا منذ القديم = كما سيأتى فى آية 14 أن أخنوخ سبق وتنبأ عن دينونة هؤلاء. فأخنوخ تنبأ على كل المرتدين فى كل زمن وفى كل مكان بالدينونة والهلاك. هم دخلوا لدائرة الدينونة بأعمالهم. والبدعة التى يتحدث عنها الرسول لها شقين:-
1. شق إيمانى = ينكرون السيد الوحيد وربنا يسوع = أى إنكار الله أو إنكار أن المسيح هو إبن الله، وهذه تشمل أى هرطقة خاصة بلاهوت المسيح.
2. شق سلوكى = فجار يحولون نعمة إلهنا إلى الدعارة = هؤلاء إستغلوا حرية الإنجيل إلى حرية الجسد بزعم أن دم المسيح يطهر من كل خطية، وهذه البدعة واجهت بولس الرسول أيضا (رو5:3- + (رو2،1:6) + (غل13:5).
فجار = خالون من مخافة الله. يحولون نعمة إلهنا = يستغلون نعمة إلهنا ودمه الذى يطهر من كل خطية كفرصة لتحقيق نزواتهم. هؤلاء ظنوا أن مجرد الإيمان بغير جهاد يكفيهم كما يقول البعض الآن. وهنا نرى إرتباط العقيدة بالسلوك وبالحياة الروحية، فكما يعتقد الإنسان هكذا يسلك أيضا، ولاحظ أن من لا يخاف الله ينكره وسريعا ما يسقط فى الدعارة. والعكس صحيح، فمن يسلك فى الدعارة والشهوة تظلم عيناه وقلبه وسريعا ما ينكر الله.
آية 5 :- فاريد ان اذكركم و لو علمتم هذا مرة ان الرب بعدما خلص الشعب من ارض مصر اهلك ايضا الذين لم يؤمنوا.
إبتداء من هنا يقدم الرسول أدلة على هلاك الأشرار ودينونتهم الذين لم يؤمنوا = الرسول لخص كل خطايا الشعب بقوله لم يؤمنوا فعدم الإيمان مصدر كل الخطايا، وهكذا قال السيد المسيح (يو9،8:16) وهلاك الشعب بعد عبورهم البحر الأحمر بسبب خطاياهم أشار له بولس الرسول أيضا (1كو1:10-11) + (عب7:3-11). فمن يرتد عن الإيمان يهلك. ونجاة الشعب مرة لم تعفهم من الهلاك + (عب3:2).
آية 6:- و الملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم الى دينونة اليوم العظيم بقيود ابدية تحت الظلام.
فى الآية السابقة ضرب مثالا لهلاك الفجار، بهلاك شعب الله فى البرية بالرغم من أن الله خلصهم من عبودية فرعون، وهنا يضرب مثالا ثانيا بهلاك بعض الملائكة الذين كانوا فى مجد ولم يقتنعوا بما أعطاه الله لهم من مجد بل طلبوا فى كبرياء ما هو أكثر فسقطوا (اش13:14) مسكنهم =ما كانوا فيه من مجد، بل كان إبليس من أعظم الطغمات السمائية حفظهم إلى دينونة = يحفظ الأشرار إلى دينونة، أى لن يستطيعوا الهروب منها، أما للأبرار فالله يحفظ أولاده فى إسمه (يو11:17). فلا يضيع منهم نصيبهم السمائى.
آية 7:- كما ان سدوم و عمورة و المدن التي حولهما اذ زنت على طريق مثلهما و مضت وراء جسد اخر جعلت عبرة مكابدة عقاب نار ابدية.
المثال التالى الذى يضربه الرسول لهلاك الأشرار هو سدوم وعمورة ومن يسلك مثلهما = على طريق مثلهما = هؤلاء عاشوا فى شذوذ جنسى وإنغمسوا فى شهوة غير طبيعية، فهم طلبوا مضاجعة الملاكين = مضت وراء جسد آخر.
إذ زنت = كلمة زنا تمتد لتشمل الزنا الروحى أى ترك عبادة الله وعبادة آلهة أخرى = مضت وراء جسد آخر = هنا تفهم بعبادة الهة أخرى، وكانت العبادات الوثنية تشمل الزنا الجسدى، والزنا عموما يفسد الروح ويفسد العلاقة مع الله، وله عقوبات كثيرة، الزانى يكون كمن يحتضن نارا.
آية 8:- و لكن كذلك هؤلاء ايضا المحتلمون ينجسون الجسد و يتهاونون بالسيادة و يفترون على ذوي الامجاد.
المحتلمون = قال عنهم أنهم ينجسون الجسد فمن هم المحتلمون؟
أ. الحالمون ليلا وهم نيام :- والأحلام لها 3 مصادر
1. من الله كأحلام يوسف خطيب العذراء مريم، وفرعون.
2. من الشيطان.
3. لنسبة الغالبة هى مما هو موجود فى العقل، ومخزون فيه صباحا أى من الصور والكلمات التى يراها الإنسان ويسمعها ويفكر فيها بينما هو مستيقظ. هذه يحلم بها ليلا. فإن كان ما يفكر فيه كله نجاسة، يحلم بنجاسات ينجس بها جسده.
ب. هؤلاء الهراطقة يعيشون على الأحلام والأوهام، تعاليمهم كالأحلام، غير حقيقية، بل هى خرافات، هم كالنائمين عن الحقيقة، أو شهواتهم جعلتهم كالسكارى أو الحالمين. هم يحلمون بحياة أخرى كلها نجاسات وخمر بحسب شهواتهم. وهذا التفسير هو الأوقع والمتمشى مع بقية الآية.
ت. ربما إدعى هؤلاء الهراطقة أنهم يتلقون تعاليمهم بواسطة الأحلام والرؤى.
ينجسون الجسد = من إرتد عن طريق الرب لابد أن ينتهى بتدنيس الجسد. فبدون نعمة الله يسقط الإنسان. فالقلب نجيس ومخادع (أر9:17). والعكس فمن يسلك بالروح يتعفف (غل21:5). فالتعفف من ثمار الروح. هؤلاء إستهانوا بالرب فإستهانوا بأجسادهم كأعضاء للمسيح فأسلموها للشهوات الدنسة. والشهوات الدنسة تؤدى للعمى الروحى الذى يؤدى بهم لأن يتهاونون بالسيادة يقصد بالسيادة من أعطاهم الله سلطانا فى الكنيسة وعينهم رعاة على قطيعه، فهؤلاء الهراطقة يرفضون السلطان الكنسى، وهذا يصل لرفض سلطان الله نفسه. فمن يرفض سلطان الكنيسة هو متكبر والكبرياء بداية لرفض الله نفسه.
يفترون على ذوى الأمجاد = يتكلمون بسخرية عليهم وهم فى مناصب عالية كنسيا. مثل هؤلاء لا يروا أحدا أمامهم مقدسا. فعيونهم لا تستطيع أن ترى ذلك بسبب خطاياهم وشهواتهم وكبريائهم.
وواضح أن هؤلاء الحالمون حين يتهاونون بالسيادة ويفترون على ذوى الأمجاد فإن هذا لا يكون وهم نائمين يحلمون ليلا، بل وهم مستيقظون ولكنهم غارقين فى شهواتهم، يهاجمون الرياسات ليثبتوا للناس عقائدهم الإباحية التى لا ترضى عنها الرياسات الكنسية.
آية 9:- و اما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم ابليس محاجا عن جسد موسى لم يجسر ان يورد حكم افتراء بل قال لينتهرك الرب.
وحتى إن أخطا الرؤساء فليس من حقنا أن نهزأ بهم فميخائيل لم يفعل هذا مع الشيطان بالرغم من أنه من المؤكد أن الشيطان مخطىء أما هؤلاء المحتلمون فيعملون ويتكلمون فى عجرفة.
محاجا عن جسد موسى = كان إبليس يريد أن يظهر جسد موسى ليعبده شعب الله، فهو كان يعرف مقدار عظمة موسى عند الشعب، لكن الملاك ميخائيل أخفى جسده. وهذه القصة أخذها يهوذا من التقليد فهى غير موجودة فى العهد القديم مما يثبت صحة التقليد.
حكم إفتراء = لم يشأ أن يورد حكما من ذاته ضد إبليس وترك الحكم لله.
آية 10:- و لكن هؤلاء يفترون على ما لا يعلمون و اما ما يفهمونه بالطبيعة كالحيوانات غير الناطقة ففي ذلك يفسدون.
على ما لا يعلمون = ميخائيل رئيس الملائكة الذى يعلم نجاسة إبليس وخطيته لم يحكم حتى على ما يعرفه، وهؤلاء يتكلمون عن السماويات وعن ذوى الأمجاد وعلى الرياسات وهم عميان لا يفهمون شيئا فيما يتكلمون وأما ما يفهمونه بالطبيعة كالحيوانات = هؤلاء المرتدون لا وقت عندهم، بل ولا معرفة بالأمور السماوية الروحية، هؤلاء لايفهمون أكثر من النواحى الجسدانية كالشهوات الجنسية، شانهم شأن الحيوانات. وحتى فى هذه فلقد إنحطوا أسفل من الحيوانات = ففى ذلك يفسدون = فالحيوانات لا تعرف الشذوذ الجنسى. فالمرتدون ينحدرون سريعا من سىء إلى أسوأ، فإذا كانوا يخطئون فى الجسديات التى يفهمون فيها بالطبيعة فهم إن تكلموا فى الروحيات حين يهاجمون الرياسات فإنهم يفترون.
آية 11:- ويل لهم لانهم سلكوا طريق قايين و انصبوا الى ضلالة بلعام لاجل اجرة و هلكوا في مشاجرة قورح.
لاحظ خطوات الإرتداد، فهى تبدأ بالإنحراف فى طريق خاطىء كما بدأ قايين بعدم محبة لهابيل أخيه لكنه إندفع من سىء إلى أسوأ فمن عدم محبة لكراهية لبغضة لتفكير فى الإنتقام... ثم إلى قتل بل تبجح على الله " هل أنا حارس لأخى " وهذا ما قصده الرسول بقوله إنصبوا = أى إندفعوا أو إنسكبوا كالماء، وأصل الكلمة اليونانية يشير لإناء إنفجر فإنسكب ما فيه بإندفاع. والمعنى أنهم بدأوا بعدم محبة لكنهم إندفعوا فى الخطايا الجنسية = ضلالة بلعام = هى إشارة لمن يبيع أبديته لقاء لذة أرضية زائلة = لأجل أجرة فبلعام باع علاقته بالله إذ كان نبيا لقاء أجرة حصل عليها من ملك موآب، إذ اشار بلعام على ملك موآب أن يجعل إسرائيل يسقط فى الزنا ليلعنهم الرب، وكان هذا طلب ملك موآب، لعنة إسرائيل، وهذه هى مشورة بلعام (عدد7:22) + (تث4:23) + (رؤ14:2). ولكن نهاية كل هؤلاء المرتدين المتمردين على الكنيسة وسلطان الكنيسة هو الهلاك كما هلك قورح وداثان وأبيرام إذ تمردوا على سلطة موسى وهرون ورفضوا كهنوتهم. لقد أدركت اللعنة من تمرد على من عينهم الله (عدد1:16-35).
آية 1:- يهوذا عبد يسوع المسيح واخو يعقوب الى المدعوين المقدسين في الله الاب والمحفوظين ليسوع المسيح.
عبد = لم يقل يهوذا أخو الرب أو قريبه بالجسد بل قال مفتخرا أنه عبد يسوع المسيح = فكثير من أقرباء المسيح لم يؤمنوا به بل قالوا عنه أنه مختل (مر21:3) + (يو5:7). فالقرابة الجسدية لا تنفع. بل أن اليهود أقرباؤه بالجسد صلبوه. أما كلمة عبد فهى تعنى أنه قد إكتشف حلاوة المسيح ورقة محبته، فبحريته الكاملة قال له إفعل بى ما شئت فأنا عبدك. فالتعبد لله لمن عرف الله له عذوبة وحلاوة، بل هو الحرية الحقيقية. فكون يهوذا عبدا للمسيح فهذا أفضل من كونه أخا جسديا له. لذلك قال بولس الرسول "وإن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد، لكن الآن لا نعرفه بعد" (2كو16:5) والمسيح نفسه قيل عنه أنه عبد الرب بمفهوم أنه بإرادته وحريته أخلى ذاته أخذا صورة عبد ليتمم الفداء (أش1:42) + (فى7:2) + (مز6:40).
وعبيد الله الأمناء يكون لهم غيرة على الإيمان المستقيم ولهم تنكشف رؤى الله (رؤ1:1).
أخو يعقوب = فيعقوب هو المشهور جدا.
إلى المدعوين = أى لا فضل لهم فى ذلك فالله أحبهم ودعاهم، ولكن الله فى دعوته لا يحابى، والإنسان قد يقبل الدعوة أو يرفضها، وفى قبول الدعوة يحسب الفضل لله لا من الإنسان.
المقدسين = الله سر قداستنا. فمن يقبل الله ودعوته ويؤمن ويعتمد، يحل عليه الروح القدس ليقدسه ويجعله إبنا لله. ومقدسين أى مفروزين لله الآب بفداء المسيح ومن تكرس وإنفرز لله عليه أن يحيا فى قداسة رافضا كل نجاسة. والروح القدس يعيننا على ذلك (رو26:.
المقدسين فى الله الآب = بولس يقول المقدسين فى المسيح. وعبارة " فى المسيح قد إعتدنا عليها فى رسائل بولس الرسول. وهنا نسمع أننا فى الآب وهذا ليس غريبا فالسيد المسيح يقول " ليكون الجميع واحدا، كما أنك أنت أيها الآب فى وأنا فيك، ليكونوا هم ايضا واحدا فينا " (يو21:17) وقارن مع (1كو2:1) + (فى1:1).
والمحفوظين ليسوع المسيح = (رؤ10:3) + (يو11:17) فالله يحفظنا لنفسه أبناء وورثة. والرسول يبدأ بأن يقول لهم بأنهم محفوظين حتى لا تخور قلوبهم إذ يسمعوا عن الحروب التى يشنها الهراطقة على الكنيسة والتى سيذكرها فيما بعد. والله مازال يحفظ كنيسته للآن وسيحفظها للأبد. وعمل روح الله القدوس فينا أن يبكتنا ويعيننا ليقدسنا ويحفظنا.
آية 2:- لتكثر لكم الرحمة و السلام و المحبة.
هذه البداية تختلف عن بدايات بولس الرسول، الذى كان يطلب النعمة والسلام. فهنا الرسول يطلب الرحمة مع المحبة والسلام، فلو لم تدرك رحمة الله الكنيسة لضاعت وسط كل هذه التيارات من الهرطقات ولذلك فالكنيسة الآن فى عصر الإرتداد عليها أن تطلب الرحمة.
وفى الأيام الأخيرة مع إبتعاد الناس عن الله سيفقدون روح المحبة والسلام (وهذا يحدث مع زيادة الخطية ومع زيادة الهرطقات (مت12:24) ومن يشمله الله برحمته ويحيا فى سلام ومحبة سيصمد أمام تجارب الأيام الأخيرة.
آية 3:- ايها الاحباء اذ كنت اصنع كل الجهد لاكتب اليكم عن الخلاص المشترك اضطررت ان اكتب اليكم واعظا ان تجتهدوا لاجل الايمان المسلم مرة للقديسين.
الرسول كان يود أن يجاهد، بل كان يجاهد لكى يكتب لهم عن الخلاص المشترك = أى الذى إشترك فيه الأمم مع اليهود، وصار الخلاص لكل العالم. ولكن الرسول وجد أن الهرطقات زادت مما شوه الإيمان المسلم مرة للقديسين ووجد الرسول أنه عليه أن يهتم بحفظ الإيمان من البدع أكثر من إهتمامه بالحديث عن الخلاص، وعن مبادىء الإيمان التى صارت معروفة للجميع.
ولكن قوله أصنع كل الجهد = فيه إشارة إلى أننا ليس بسهولة نستطيع أن نفهم.
v كل ما حصلنا عليه بواسطة هذا الخلاص.
v كل الأمجاد التى سنحصل عليها فى السماء بسبب هذا الخلاص.
v عمق المحبة الإلهية التى دبرت هذا الخلاص.
المسلم مرة = أى لن يتغير بعد ذلك ولا يجب أن يلحقه حذف أو إضافة أو تغيير من يوم سلمه السيد المسيح للرسل وحتى هذا اليوم.
تجتهدوا = تجاهدوا حتى الدم فى حفظ هذا الإيمان بلا تحريف.
كان لابد ليهوذا الرسول أن ينبه العالم لأن يستيقظوا فلقد زرع إبليس زوانا وسط الحنطة، وهؤلاء الغشاشين يفسدون أولاد الله.
آية 4:- لانه دخل خلسة اناس قد كتبوا منذ القديم لهذه الدينونة فجار يحولون نعمة الهنا الى الدعارة و ينكرون السيد الوحيد الله و ربنا يسوع المسيح.
مصير المعلمين الكذبة.
دخل خلسة = هم مختلسون يظهرون غير ما يبطنون، ويحرفون الكتب كتبوا منذ القديم = كما سيأتى فى آية 14 أن أخنوخ سبق وتنبأ عن دينونة هؤلاء. فأخنوخ تنبأ على كل المرتدين فى كل زمن وفى كل مكان بالدينونة والهلاك. هم دخلوا لدائرة الدينونة بأعمالهم. والبدعة التى يتحدث عنها الرسول لها شقين:-
1. شق إيمانى = ينكرون السيد الوحيد وربنا يسوع = أى إنكار الله أو إنكار أن المسيح هو إبن الله، وهذه تشمل أى هرطقة خاصة بلاهوت المسيح.
2. شق سلوكى = فجار يحولون نعمة إلهنا إلى الدعارة = هؤلاء إستغلوا حرية الإنجيل إلى حرية الجسد بزعم أن دم المسيح يطهر من كل خطية، وهذه البدعة واجهت بولس الرسول أيضا (رو5:3- + (رو2،1:6) + (غل13:5).
فجار = خالون من مخافة الله. يحولون نعمة إلهنا = يستغلون نعمة إلهنا ودمه الذى يطهر من كل خطية كفرصة لتحقيق نزواتهم. هؤلاء ظنوا أن مجرد الإيمان بغير جهاد يكفيهم كما يقول البعض الآن. وهنا نرى إرتباط العقيدة بالسلوك وبالحياة الروحية، فكما يعتقد الإنسان هكذا يسلك أيضا، ولاحظ أن من لا يخاف الله ينكره وسريعا ما يسقط فى الدعارة. والعكس صحيح، فمن يسلك فى الدعارة والشهوة تظلم عيناه وقلبه وسريعا ما ينكر الله.
آية 5 :- فاريد ان اذكركم و لو علمتم هذا مرة ان الرب بعدما خلص الشعب من ارض مصر اهلك ايضا الذين لم يؤمنوا.
إبتداء من هنا يقدم الرسول أدلة على هلاك الأشرار ودينونتهم الذين لم يؤمنوا = الرسول لخص كل خطايا الشعب بقوله لم يؤمنوا فعدم الإيمان مصدر كل الخطايا، وهكذا قال السيد المسيح (يو9،8:16) وهلاك الشعب بعد عبورهم البحر الأحمر بسبب خطاياهم أشار له بولس الرسول أيضا (1كو1:10-11) + (عب7:3-11). فمن يرتد عن الإيمان يهلك. ونجاة الشعب مرة لم تعفهم من الهلاك + (عب3:2).
آية 6:- و الملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم الى دينونة اليوم العظيم بقيود ابدية تحت الظلام.
فى الآية السابقة ضرب مثالا لهلاك الفجار، بهلاك شعب الله فى البرية بالرغم من أن الله خلصهم من عبودية فرعون، وهنا يضرب مثالا ثانيا بهلاك بعض الملائكة الذين كانوا فى مجد ولم يقتنعوا بما أعطاه الله لهم من مجد بل طلبوا فى كبرياء ما هو أكثر فسقطوا (اش13:14) مسكنهم =ما كانوا فيه من مجد، بل كان إبليس من أعظم الطغمات السمائية حفظهم إلى دينونة = يحفظ الأشرار إلى دينونة، أى لن يستطيعوا الهروب منها، أما للأبرار فالله يحفظ أولاده فى إسمه (يو11:17). فلا يضيع منهم نصيبهم السمائى.
آية 7:- كما ان سدوم و عمورة و المدن التي حولهما اذ زنت على طريق مثلهما و مضت وراء جسد اخر جعلت عبرة مكابدة عقاب نار ابدية.
المثال التالى الذى يضربه الرسول لهلاك الأشرار هو سدوم وعمورة ومن يسلك مثلهما = على طريق مثلهما = هؤلاء عاشوا فى شذوذ جنسى وإنغمسوا فى شهوة غير طبيعية، فهم طلبوا مضاجعة الملاكين = مضت وراء جسد آخر.
إذ زنت = كلمة زنا تمتد لتشمل الزنا الروحى أى ترك عبادة الله وعبادة آلهة أخرى = مضت وراء جسد آخر = هنا تفهم بعبادة الهة أخرى، وكانت العبادات الوثنية تشمل الزنا الجسدى، والزنا عموما يفسد الروح ويفسد العلاقة مع الله، وله عقوبات كثيرة، الزانى يكون كمن يحتضن نارا.
آية 8:- و لكن كذلك هؤلاء ايضا المحتلمون ينجسون الجسد و يتهاونون بالسيادة و يفترون على ذوي الامجاد.
المحتلمون = قال عنهم أنهم ينجسون الجسد فمن هم المحتلمون؟
أ. الحالمون ليلا وهم نيام :- والأحلام لها 3 مصادر
1. من الله كأحلام يوسف خطيب العذراء مريم، وفرعون.
2. من الشيطان.
3. لنسبة الغالبة هى مما هو موجود فى العقل، ومخزون فيه صباحا أى من الصور والكلمات التى يراها الإنسان ويسمعها ويفكر فيها بينما هو مستيقظ. هذه يحلم بها ليلا. فإن كان ما يفكر فيه كله نجاسة، يحلم بنجاسات ينجس بها جسده.
ب. هؤلاء الهراطقة يعيشون على الأحلام والأوهام، تعاليمهم كالأحلام، غير حقيقية، بل هى خرافات، هم كالنائمين عن الحقيقة، أو شهواتهم جعلتهم كالسكارى أو الحالمين. هم يحلمون بحياة أخرى كلها نجاسات وخمر بحسب شهواتهم. وهذا التفسير هو الأوقع والمتمشى مع بقية الآية.
ت. ربما إدعى هؤلاء الهراطقة أنهم يتلقون تعاليمهم بواسطة الأحلام والرؤى.
ينجسون الجسد = من إرتد عن طريق الرب لابد أن ينتهى بتدنيس الجسد. فبدون نعمة الله يسقط الإنسان. فالقلب نجيس ومخادع (أر9:17). والعكس فمن يسلك بالروح يتعفف (غل21:5). فالتعفف من ثمار الروح. هؤلاء إستهانوا بالرب فإستهانوا بأجسادهم كأعضاء للمسيح فأسلموها للشهوات الدنسة. والشهوات الدنسة تؤدى للعمى الروحى الذى يؤدى بهم لأن يتهاونون بالسيادة يقصد بالسيادة من أعطاهم الله سلطانا فى الكنيسة وعينهم رعاة على قطيعه، فهؤلاء الهراطقة يرفضون السلطان الكنسى، وهذا يصل لرفض سلطان الله نفسه. فمن يرفض سلطان الكنيسة هو متكبر والكبرياء بداية لرفض الله نفسه.
يفترون على ذوى الأمجاد = يتكلمون بسخرية عليهم وهم فى مناصب عالية كنسيا. مثل هؤلاء لا يروا أحدا أمامهم مقدسا. فعيونهم لا تستطيع أن ترى ذلك بسبب خطاياهم وشهواتهم وكبريائهم.
وواضح أن هؤلاء الحالمون حين يتهاونون بالسيادة ويفترون على ذوى الأمجاد فإن هذا لا يكون وهم نائمين يحلمون ليلا، بل وهم مستيقظون ولكنهم غارقين فى شهواتهم، يهاجمون الرياسات ليثبتوا للناس عقائدهم الإباحية التى لا ترضى عنها الرياسات الكنسية.
آية 9:- و اما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم ابليس محاجا عن جسد موسى لم يجسر ان يورد حكم افتراء بل قال لينتهرك الرب.
وحتى إن أخطا الرؤساء فليس من حقنا أن نهزأ بهم فميخائيل لم يفعل هذا مع الشيطان بالرغم من أنه من المؤكد أن الشيطان مخطىء أما هؤلاء المحتلمون فيعملون ويتكلمون فى عجرفة.
محاجا عن جسد موسى = كان إبليس يريد أن يظهر جسد موسى ليعبده شعب الله، فهو كان يعرف مقدار عظمة موسى عند الشعب، لكن الملاك ميخائيل أخفى جسده. وهذه القصة أخذها يهوذا من التقليد فهى غير موجودة فى العهد القديم مما يثبت صحة التقليد.
حكم إفتراء = لم يشأ أن يورد حكما من ذاته ضد إبليس وترك الحكم لله.
آية 10:- و لكن هؤلاء يفترون على ما لا يعلمون و اما ما يفهمونه بالطبيعة كالحيوانات غير الناطقة ففي ذلك يفسدون.
على ما لا يعلمون = ميخائيل رئيس الملائكة الذى يعلم نجاسة إبليس وخطيته لم يحكم حتى على ما يعرفه، وهؤلاء يتكلمون عن السماويات وعن ذوى الأمجاد وعلى الرياسات وهم عميان لا يفهمون شيئا فيما يتكلمون وأما ما يفهمونه بالطبيعة كالحيوانات = هؤلاء المرتدون لا وقت عندهم، بل ولا معرفة بالأمور السماوية الروحية، هؤلاء لايفهمون أكثر من النواحى الجسدانية كالشهوات الجنسية، شانهم شأن الحيوانات. وحتى فى هذه فلقد إنحطوا أسفل من الحيوانات = ففى ذلك يفسدون = فالحيوانات لا تعرف الشذوذ الجنسى. فالمرتدون ينحدرون سريعا من سىء إلى أسوأ، فإذا كانوا يخطئون فى الجسديات التى يفهمون فيها بالطبيعة فهم إن تكلموا فى الروحيات حين يهاجمون الرياسات فإنهم يفترون.
آية 11:- ويل لهم لانهم سلكوا طريق قايين و انصبوا الى ضلالة بلعام لاجل اجرة و هلكوا في مشاجرة قورح.
لاحظ خطوات الإرتداد، فهى تبدأ بالإنحراف فى طريق خاطىء كما بدأ قايين بعدم محبة لهابيل أخيه لكنه إندفع من سىء إلى أسوأ فمن عدم محبة لكراهية لبغضة لتفكير فى الإنتقام... ثم إلى قتل بل تبجح على الله " هل أنا حارس لأخى " وهذا ما قصده الرسول بقوله إنصبوا = أى إندفعوا أو إنسكبوا كالماء، وأصل الكلمة اليونانية يشير لإناء إنفجر فإنسكب ما فيه بإندفاع. والمعنى أنهم بدأوا بعدم محبة لكنهم إندفعوا فى الخطايا الجنسية = ضلالة بلعام = هى إشارة لمن يبيع أبديته لقاء لذة أرضية زائلة = لأجل أجرة فبلعام باع علاقته بالله إذ كان نبيا لقاء أجرة حصل عليها من ملك موآب، إذ اشار بلعام على ملك موآب أن يجعل إسرائيل يسقط فى الزنا ليلعنهم الرب، وكان هذا طلب ملك موآب، لعنة إسرائيل، وهذه هى مشورة بلعام (عدد7:22) + (تث4:23) + (رؤ14:2). ولكن نهاية كل هؤلاء المرتدين المتمردين على الكنيسة وسلطان الكنيسة هو الهلاك كما هلك قورح وداثان وأبيرام إذ تمردوا على سلطة موسى وهرون ورفضوا كهنوتهم. لقد أدركت اللعنة من تمرد على من عينهم الله (عدد1:16-35).
مواضيع مماثلة
» تفسير رسالة يهوذا الإصحاح الأول (2)
» تفسير رسالة يوحنا الثالثة الأصحاح الأول
» تفسير رسالة يهوذا (مقدمة)
» تفسير رسالة بطرس الثانية الإصحاح الأول (1)
» تفسير رسالة بطرس الثانية الإصحاح الأول (2)
» تفسير رسالة يوحنا الثالثة الأصحاح الأول
» تفسير رسالة يهوذا (مقدمة)
» تفسير رسالة بطرس الثانية الإصحاح الأول (1)
» تفسير رسالة بطرس الثانية الإصحاح الأول (2)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى