تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الثالث (2)
margergs.net :: مكتبة مارجرجس لتفسيرالكتاب المقدس :: تفسير العهد الجديد :: تفسير رسالة يوحنا الرسول الأولي
صفحة 1 من اصل 1
تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الثالث (2)
أية 10:- بِهَذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاه
أولاد إبليس = إبن إبليس أى من يقتدى بإبليس ويتشبه به كما يقال عنا أننا أولاد إبراهيم لأننا نتشبه بإيمان إبراهيم.
وفى أية 8 سمعنا أن إبليس من البدء يخطئ، أى أن إبليس من بدء خلقته يخطئ. وقد قرر أن لا يخضع لله، ومن بداية الإنسان، وإبليس يحاربه ليتشبه به فيصير إبناً لإبليس (يو8: 44). عوضاً عن أن يكون إبناً لله.
وفى أية 8 نسمع أيضاً "من أجل هذا أظهر إبن الله لكى ينقض أعمال إبليس".
ومن هنا نرى قوة الحق ودخوله للعالم بالمسيح... وما هى علامات أولاد إبليس ؟
كل من لا يفعل البر + من لا يحب أخاه
فالله بار والله محبة، لذلك يطبع سماته فى أولاده أى البر والحب.
أية 11 :- لأَنَّ هَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً
أبناء الله علامتهم وجود المحبة فى قلوبهم، وأبناء إبليس علامتهم هى وجود البغضة فى قلوبهم. هذا هو الخبر = هذه هى الرسالة التى جاءت لنا من الذى أحبنا (يو13: 35).
أية 12 :- لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ
من بركات التجسد أن المسيح يسكن قلوبنا ويفتحها على إخوتنا فلا نكون مثل قايين، بل نحب بالعمل. وقايين لم تكن فيه صورة الله أى البر والمحبة، وبهذا صار يشبه العالم الذى يبغض دائماً أولاد الله، فأبغض قايين هابيل إذ كان هابيل باراً، وهكذا أبغض العالم المسيح فصلبه ولأن قايين كان شريراً وليس على صورة الله لم يقبل الله قرابينه. كان قلب قايين مملوءاً بغضة وكراهية وحسداً لأخية البار فلم يقبل الله قرابينه.
ملحوظة :- كثيراً ما نظن أن سبب الضيق الذى فى قلوبنا والكراهية التى فى قلوبنا هو الآخر، وأن سبب شقائنا هو الآخر، ولو تخلصنا من الآخر لإسترحنا، وهكذا ظن قايين أنه لو تخلص من هابيل لإستراح ولإنتهت مشاكله. ولكن لنعلم أن المشكلة هى فينا، فى قلبنا الخالى من المحبة.
أية 13 :- لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ
العالم هنا هم من يعشقون العالم وشهواته ولا يحبون الله. فمن تعلق بالعالم لا تكون له روح الحب الحقيقى ولا يطيق الله ولا أولاده. فالناس تحب الظلمة ولا تريد أن تأتى للنور، وهم لا يحبون أولاد الله لأن الطهارة والمحبة التى فى اولاد الله توبخهم.
أية 14 :- نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْت
الله محبة والله حياة والله نور. فإن كنا قد صرنا أولاداً لله نصير ثابتين فى الله، وبهذا يعطينا الله حياة. ومن هو ثابت فى الله ستكون له صورته أى المحبة لله وللناس حتى أعدائه. ومن لا يؤمن بالله ولا ولد منه فهو ميت. ومن ولد من الله صار حياً وعلامة ذلك الحب. لذلك فقايين بسبب بغضته لأخيه إنتقل من الحياة إلى الموت. فالذى مات حقيقة هو قايين وليس هابيل.
أية 15 :- كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ
كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس = إن كانت البغضة هى موت فكل من وجد فى قلبه بغضة فهو ميت أى أنه قتل نفسه، أى حكم على نفسه بالموت. وهذا نفهمه من مقارنة أيات (14، 15). وطالما بقيت البغضة داخل نفس إنسان فهو ميت = كل قاتل نفس له حياة أبدية ثابته فيه. ففى وصايا العهد القديم كل قاتل يقتل (تك9: 6).
وحكم الله عليه بالقتل يعنى ضمنا خسارته لحياته الأبدية. وبالتالى فمن يبغض فلأنه قاتل نفس كما قلنا فهو يخسر حياته الأبدية.
أية 16 :- بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ
فليكن المسيح فى محبته الباذلة قدوة لنا وهذا هو تعليمه (يو 15: 12، 13). أن ذاك = يوحنا فى محبته للمسيح يسوع، يشغل يسوع كل فكره. وفى كتاباته يتصور أن الكل مثله، فلا حاجه له للتعريف به.
أية 17 :- وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجاً، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟
أحشاءه = الأحشاء هى الجزء الذى إعتقدوا قديماً أنه خاص بالعواطف والمشاعر. والمعنى أن ليس فى قلبه شفقه وحنان، فمثل هذا لا تثبت فيه محبة الله. فلو كانت محبة الله ثابته فيه لكان قد إمتلأ حباً وشفقة وحنان متشبهاً فى ذلك بالرب يسوع.
أية 18 :- يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ
إذاً المطلوب هو المحبة العملية، أى المحبة التى تظهر فى أعمال وخدمة (يع2 :15، 16). ونلاحظ أن المطلوب هو الحب الحقيقى وليس السعى وراء المجد الباطل.
أية 19:- ! وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ
بهذا نعرف أننا من الحق = بهذا نعرف أننا ثابتون فى الرب يسوع الحق ونسكن قلوبنا قدامه = نقنع قلوبنا أن تطمئن. والقلب هنا هو الضمير. ومتى نطمئن ؟ إن كان لنا محبة عملية باذلة وليس بمجرد كلمات. وهذه المحبة لا تأتى إن لم نتذوق محبة المسيح أولاً ثم نعطى الأخرين مما أعطاه لنا المسيح.
أية 20 :- لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ
قد يصاب إنسان باليأس حينما يسمع ما سبق ويتساءل فى وسوسة هل أنا أحب الناس حقيقة أم لا. وهل إنتقلت من الموت إلى الحياة أم مازلت فى الموت. فكيف نهدئ قلوبنا إن نخستنا قلوبنا.
هنا نرى حنان يوحنا ومحبته للناس. نرى حنانه فى هذه الأية التى لها تفسيران :-
1. إن كان قلبنا يؤنبنا هكذا، فكم بالحرى الله الذى هو أعظم من قلوبنا، وهو أقدس منا، ويعلم كل شئ، وأكثر مما تدركه قلوبنا. فإن لا مك قلبك فماذا عن لوم الله. فمن المؤكد أن لومه أعظم. وقطعاً ليس هذا هو المعنى المقصود، فهذا يزيد المخاوف والوسوسة.
2. حكم الضمير ليس معصوماً من الخطأ ولا هو نهائى، فنحن يجب أن نعلم أن مراحم الله أعظم من تقصيرنا وهو يفرح حتى لا بأشواقنا، وهو يرثى لنا ويتحنن علينا ويقبل ما نقدمه. ونقول فى أوشية القرابين " والذين يريدون أن يقدموا لله وليس لهم " فما يفرح الله إتجاه القلب فاللص اليمين ضبط إتجاه قلبه فكان أفضل من قيافا الذى قدم ألاف الذبائح. يوحنا هنا يسكن الضمائر الموسوسة المتعبة، ويقول إن الله أعظم من أن يحكم علينا بعمل واحد أو إثنين، بل هو ينظر لإتجاه القلب. وإذ نجد أن محبة الله منغرسة فى قلوبنا فهذه علامة أننا غير مرفوضين، فلا نهتم بهواجسنا.
أية 21 :- أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ لَمْ تَلُمْنَا قُلُوبُنَا فَلَنَا ثِقَةٌ مِنْ نَحْوِ اللهِ
هناك من لا تلومهم قلوبهم لأن ضمائرهم ميته من كثرة الإثم، مثل هؤلاء قد أطفأوا الروح القدس. وهذه الأية لا تنطبق على هؤلاء. بل إن هذه الأية تنطبق على المسيحى الحقيقى الذى يرفع قلبه لله كقاض ليعرف رأى الله فيه. يرتمى أمامه معترفاً بأنه خاطئ ولا شئ، غير مهتم بمديح الناس أو هجومهم عليه، يطلب من الله الذى وحده يستطيع أن يكشف ويعطى للقلب سلام وطمأنينة لمن هو على الطريق الصحيح.
أية 22 :- وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ
مهما سألنا ننال منه = هذه قالها السيد المسيح (مت 7: 8). وهذه الأية لها علاقة بالأية السابقة، والرباط بينهما هو الثقة. فمن له ثقة فى الله يسأل والله يعطيه. وهذا ما قاله السيد المسيح "كل ما تطلبونه حينما تصلون فأمنوا أن تنالوه فيكون لكم" (مر11: 24). وهناك شرط أخر لإستجابة الصلاة (راجع 1يو5: 14). ونجد فى هذه الأية شرطاً أخر لإستجابة الصلاة = نحفظ وصاياه ونعمل الأعمال المرضية أمامه. وفى الأية التالية يحدد ماهى الأعمال المرضية أمامه.
أية 23 : وَهَذِهِ هِيَ وَصِيَّتُهُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِاسْمِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً كَمَا أَعْطَانَا وَصِيَّةً
نؤمن بإسم إبنه = نقبله فادياً ومخلصاً. وهذه الأية تشير لأهمية العقيدة التى نعتقدها فى المسيح بجانب أعمالنا.
نحب بعضنا بعضاً = يوحنا يرى أن أعظم وصية هى المحبة، فالله أعطى فىالناموس وصايا كثيرة، لكن أعظم ما فيها أن نحب ألأخرين.
أية 24:- وَمَنْ يَحْفَظْ وَصَايَاهُ يَثْبُتْ فِيهِ وَهُوَ فِيهِ. وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِينَا: مِنَ الرُّوحِ الَّذِي أَعْطَانَا.
قال السيد المسيح " إثبتوا فى وأنا فيكم (يو15: 4). وهنا يشرح يوحنا كيف يتم هذا الثبات هو لمن يحفظ وصاياه = فلا شركة للنور مع الظلمة (2كو6: 14). وهذه الأية مثل ماقال السيد "إن أحبنى أحد يحفظ كلامى ويحبه أبى وإليه نأتى وعنده نصنع منزلاً" (يو14: 23). وكيف نعرف أننا ثابتين فيه وهو فينا = بهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذى أعطانا = فالروح يملأ من هو ثابت فى المسيح، ومن يملأه الروح يعطيه الشعور بالبنوة لله، فهو يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله (رو8: 16). وإن كنا أولاد فسنحب أبونا السماوى. وأول ثمار الروح محبة ثم فرح وسلام... هذه للمملوء من الروح... ولمن هو ثابت فى المسيح.
وهذه الأية هى مدخل للإصحاح الرابع الذى يحدثنا عن الروح القدس.
أولاد إبليس = إبن إبليس أى من يقتدى بإبليس ويتشبه به كما يقال عنا أننا أولاد إبراهيم لأننا نتشبه بإيمان إبراهيم.
وفى أية 8 سمعنا أن إبليس من البدء يخطئ، أى أن إبليس من بدء خلقته يخطئ. وقد قرر أن لا يخضع لله، ومن بداية الإنسان، وإبليس يحاربه ليتشبه به فيصير إبناً لإبليس (يو8: 44). عوضاً عن أن يكون إبناً لله.
وفى أية 8 نسمع أيضاً "من أجل هذا أظهر إبن الله لكى ينقض أعمال إبليس".
ومن هنا نرى قوة الحق ودخوله للعالم بالمسيح... وما هى علامات أولاد إبليس ؟
كل من لا يفعل البر + من لا يحب أخاه
فالله بار والله محبة، لذلك يطبع سماته فى أولاده أى البر والحب.
أية 11 :- لأَنَّ هَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً
أبناء الله علامتهم وجود المحبة فى قلوبهم، وأبناء إبليس علامتهم هى وجود البغضة فى قلوبهم. هذا هو الخبر = هذه هى الرسالة التى جاءت لنا من الذى أحبنا (يو13: 35).
أية 12 :- لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ
من بركات التجسد أن المسيح يسكن قلوبنا ويفتحها على إخوتنا فلا نكون مثل قايين، بل نحب بالعمل. وقايين لم تكن فيه صورة الله أى البر والمحبة، وبهذا صار يشبه العالم الذى يبغض دائماً أولاد الله، فأبغض قايين هابيل إذ كان هابيل باراً، وهكذا أبغض العالم المسيح فصلبه ولأن قايين كان شريراً وليس على صورة الله لم يقبل الله قرابينه. كان قلب قايين مملوءاً بغضة وكراهية وحسداً لأخية البار فلم يقبل الله قرابينه.
ملحوظة :- كثيراً ما نظن أن سبب الضيق الذى فى قلوبنا والكراهية التى فى قلوبنا هو الآخر، وأن سبب شقائنا هو الآخر، ولو تخلصنا من الآخر لإسترحنا، وهكذا ظن قايين أنه لو تخلص من هابيل لإستراح ولإنتهت مشاكله. ولكن لنعلم أن المشكلة هى فينا، فى قلبنا الخالى من المحبة.
أية 13 :- لاَ تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ
العالم هنا هم من يعشقون العالم وشهواته ولا يحبون الله. فمن تعلق بالعالم لا تكون له روح الحب الحقيقى ولا يطيق الله ولا أولاده. فالناس تحب الظلمة ولا تريد أن تأتى للنور، وهم لا يحبون أولاد الله لأن الطهارة والمحبة التى فى اولاد الله توبخهم.
أية 14 :- نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْت
الله محبة والله حياة والله نور. فإن كنا قد صرنا أولاداً لله نصير ثابتين فى الله، وبهذا يعطينا الله حياة. ومن هو ثابت فى الله ستكون له صورته أى المحبة لله وللناس حتى أعدائه. ومن لا يؤمن بالله ولا ولد منه فهو ميت. ومن ولد من الله صار حياً وعلامة ذلك الحب. لذلك فقايين بسبب بغضته لأخيه إنتقل من الحياة إلى الموت. فالذى مات حقيقة هو قايين وليس هابيل.
أية 15 :- كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ
كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس = إن كانت البغضة هى موت فكل من وجد فى قلبه بغضة فهو ميت أى أنه قتل نفسه، أى حكم على نفسه بالموت. وهذا نفهمه من مقارنة أيات (14، 15). وطالما بقيت البغضة داخل نفس إنسان فهو ميت = كل قاتل نفس له حياة أبدية ثابته فيه. ففى وصايا العهد القديم كل قاتل يقتل (تك9: 6).
وحكم الله عليه بالقتل يعنى ضمنا خسارته لحياته الأبدية. وبالتالى فمن يبغض فلأنه قاتل نفس كما قلنا فهو يخسر حياته الأبدية.
أية 16 :- بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ
فليكن المسيح فى محبته الباذلة قدوة لنا وهذا هو تعليمه (يو 15: 12، 13). أن ذاك = يوحنا فى محبته للمسيح يسوع، يشغل يسوع كل فكره. وفى كتاباته يتصور أن الكل مثله، فلا حاجه له للتعريف به.
أية 17 :- وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجاً، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟
أحشاءه = الأحشاء هى الجزء الذى إعتقدوا قديماً أنه خاص بالعواطف والمشاعر. والمعنى أن ليس فى قلبه شفقه وحنان، فمثل هذا لا تثبت فيه محبة الله. فلو كانت محبة الله ثابته فيه لكان قد إمتلأ حباً وشفقة وحنان متشبهاً فى ذلك بالرب يسوع.
أية 18 :- يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ
إذاً المطلوب هو المحبة العملية، أى المحبة التى تظهر فى أعمال وخدمة (يع2 :15، 16). ونلاحظ أن المطلوب هو الحب الحقيقى وليس السعى وراء المجد الباطل.
أية 19:- ! وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ
بهذا نعرف أننا من الحق = بهذا نعرف أننا ثابتون فى الرب يسوع الحق ونسكن قلوبنا قدامه = نقنع قلوبنا أن تطمئن. والقلب هنا هو الضمير. ومتى نطمئن ؟ إن كان لنا محبة عملية باذلة وليس بمجرد كلمات. وهذه المحبة لا تأتى إن لم نتذوق محبة المسيح أولاً ثم نعطى الأخرين مما أعطاه لنا المسيح.
أية 20 :- لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ
قد يصاب إنسان باليأس حينما يسمع ما سبق ويتساءل فى وسوسة هل أنا أحب الناس حقيقة أم لا. وهل إنتقلت من الموت إلى الحياة أم مازلت فى الموت. فكيف نهدئ قلوبنا إن نخستنا قلوبنا.
هنا نرى حنان يوحنا ومحبته للناس. نرى حنانه فى هذه الأية التى لها تفسيران :-
1. إن كان قلبنا يؤنبنا هكذا، فكم بالحرى الله الذى هو أعظم من قلوبنا، وهو أقدس منا، ويعلم كل شئ، وأكثر مما تدركه قلوبنا. فإن لا مك قلبك فماذا عن لوم الله. فمن المؤكد أن لومه أعظم. وقطعاً ليس هذا هو المعنى المقصود، فهذا يزيد المخاوف والوسوسة.
2. حكم الضمير ليس معصوماً من الخطأ ولا هو نهائى، فنحن يجب أن نعلم أن مراحم الله أعظم من تقصيرنا وهو يفرح حتى لا بأشواقنا، وهو يرثى لنا ويتحنن علينا ويقبل ما نقدمه. ونقول فى أوشية القرابين " والذين يريدون أن يقدموا لله وليس لهم " فما يفرح الله إتجاه القلب فاللص اليمين ضبط إتجاه قلبه فكان أفضل من قيافا الذى قدم ألاف الذبائح. يوحنا هنا يسكن الضمائر الموسوسة المتعبة، ويقول إن الله أعظم من أن يحكم علينا بعمل واحد أو إثنين، بل هو ينظر لإتجاه القلب. وإذ نجد أن محبة الله منغرسة فى قلوبنا فهذه علامة أننا غير مرفوضين، فلا نهتم بهواجسنا.
أية 21 :- أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ لَمْ تَلُمْنَا قُلُوبُنَا فَلَنَا ثِقَةٌ مِنْ نَحْوِ اللهِ
هناك من لا تلومهم قلوبهم لأن ضمائرهم ميته من كثرة الإثم، مثل هؤلاء قد أطفأوا الروح القدس. وهذه الأية لا تنطبق على هؤلاء. بل إن هذه الأية تنطبق على المسيحى الحقيقى الذى يرفع قلبه لله كقاض ليعرف رأى الله فيه. يرتمى أمامه معترفاً بأنه خاطئ ولا شئ، غير مهتم بمديح الناس أو هجومهم عليه، يطلب من الله الذى وحده يستطيع أن يكشف ويعطى للقلب سلام وطمأنينة لمن هو على الطريق الصحيح.
أية 22 :- وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ
مهما سألنا ننال منه = هذه قالها السيد المسيح (مت 7: 8). وهذه الأية لها علاقة بالأية السابقة، والرباط بينهما هو الثقة. فمن له ثقة فى الله يسأل والله يعطيه. وهذا ما قاله السيد المسيح "كل ما تطلبونه حينما تصلون فأمنوا أن تنالوه فيكون لكم" (مر11: 24). وهناك شرط أخر لإستجابة الصلاة (راجع 1يو5: 14). ونجد فى هذه الأية شرطاً أخر لإستجابة الصلاة = نحفظ وصاياه ونعمل الأعمال المرضية أمامه. وفى الأية التالية يحدد ماهى الأعمال المرضية أمامه.
أية 23 : وَهَذِهِ هِيَ وَصِيَّتُهُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِاسْمِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً كَمَا أَعْطَانَا وَصِيَّةً
نؤمن بإسم إبنه = نقبله فادياً ومخلصاً. وهذه الأية تشير لأهمية العقيدة التى نعتقدها فى المسيح بجانب أعمالنا.
نحب بعضنا بعضاً = يوحنا يرى أن أعظم وصية هى المحبة، فالله أعطى فىالناموس وصايا كثيرة، لكن أعظم ما فيها أن نحب ألأخرين.
أية 24:- وَمَنْ يَحْفَظْ وَصَايَاهُ يَثْبُتْ فِيهِ وَهُوَ فِيهِ. وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِينَا: مِنَ الرُّوحِ الَّذِي أَعْطَانَا.
قال السيد المسيح " إثبتوا فى وأنا فيكم (يو15: 4). وهنا يشرح يوحنا كيف يتم هذا الثبات هو لمن يحفظ وصاياه = فلا شركة للنور مع الظلمة (2كو6: 14). وهذه الأية مثل ماقال السيد "إن أحبنى أحد يحفظ كلامى ويحبه أبى وإليه نأتى وعنده نصنع منزلاً" (يو14: 23). وكيف نعرف أننا ثابتين فيه وهو فينا = بهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذى أعطانا = فالروح يملأ من هو ثابت فى المسيح، ومن يملأه الروح يعطيه الشعور بالبنوة لله، فهو يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله (رو8: 16). وإن كنا أولاد فسنحب أبونا السماوى. وأول ثمار الروح محبة ثم فرح وسلام... هذه للمملوء من الروح... ولمن هو ثابت فى المسيح.
وهذه الأية هى مدخل للإصحاح الرابع الذى يحدثنا عن الروح القدس.
مواضيع مماثلة
» تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الثالث (1)
» تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الأول (1)
» تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الأول (2)
» تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الثانى (1)
» تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الثانى (2)
» تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الأول (1)
» تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الأول (2)
» تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الثانى (1)
» تفسير رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الثانى (2)
margergs.net :: مكتبة مارجرجس لتفسيرالكتاب المقدس :: تفسير العهد الجديد :: تفسير رسالة يوحنا الرسول الأولي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى